[b">
بسم الله الرحمن الرحيم
***************
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الغاشية
**********
((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)) ابتداء باسم الإله المالك لكل شيء، فهو
أفضل شيء يبتدأ به، الرحمن الرحيم الذي يتفضل بالرحمة على كل
العباد
((هَلْ أَتَاكَ)) أيها الإنسان أو يا رسول الله ((حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ)) أي خبر
القيامة؟ وتسمى بالغاشية لأنها تغشى الناس بأهوالها، والاستفهام
للالتفات والإيقاظ.
((وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ))، أي في يوم القيامة ((خَاشِعَةٌ)) ذليلة بسبب ما عملت
من الكفر والآثام، وإنما نسب الخشوع إلى الوجه لظهوره فيها.
((عَامِلَةٌ)) قد عملت في النار وكدت، ((نَّاصِبَةٌ)) وتعبت، فإن النصب
بمعنى التعب، ولكنها لم تنتفع بأعمالها وأتعابها، بل العكس وصارت دنياه
سبباً للعذاب والعقاب.
((تَصْلَى نَارًا))، أي تدخل تلك الوجوه النار وتلازمها، ((حَامِيَةً)) قد حميت
حتى تناهت في الحر.
((تُسْقَى))، أي أصحاب تلك الوجوه، وقد أطلق الوجوه على أصحابها
بعلاقة الجزء والكل من قبيل إطلاق "الرقبة" على الإنسان، ((مِنْ عَيْنٍ
آنِيَةٍ)) قد بلغت حرارتها وآناها إلى منتهى الدرجة، فإن آنية بمعنى
البالغة أشد درجات الحرارة.
ذاك شرابهم، فما هو طعامهم؟ ((لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِيعٍ))، وهو
نبت يضر ولا ينفع، وفي الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)
أنه شيء يكون في النار يشبه الشوك، أمرّ من الصبر، وأنتن من الجيفة،
وأشد حراً من النار.
((لَا يُسْمِنُ)) أكله ((وَلَا يُغْنِي مِن جُوعٍ))، فآكله يحس بالجوع بعد أكله،
كما يحس بالجوع قبل أكله.
ذلك أحوال العصاة، فلننظر إلى أحوال المتقين، ((وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ))، أي في
يوم القيامة ((نَّاعِمَةٌ)) منعمة في أنواع اللذات، ظاهر عليها أثر النعمة
والسرور.
((لِسَعْيِهَا)) في الدنيا وما عملت سابقاً ((رَاضِيَةٌ)) حيث قد حصلت
على الجنة بسببها.
((فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ)) رفيعة المكان والقدر، فإن قصورها ومكانها في أعالي
الجو.
((لَّا تَسْمَعُ)) أولئك الأشخاص أصحاب الوجوه الناعمة ((فِيهَا)) - في
الجنة - ((لَاغِيَةً))، أي كلمة لا فائدة فيها.
((فِيهَا))، أي في تلك الجنة ((عَيْنٌ جَارِيَةٌ)) تجري حتى يتناول كل
إنسان يمر بها، والماء الجاري أطيب ذوقاً وأجمل في النظر.
((فِيهَا))، أي في تلك الجنة ((سُرُرٌ)) جمع سرير، وهو الكرسي
((مَّرْفُوعَةٌ)) في المكان وفي القيمة وفي القدر.
((وَأَكْوَابٌ)) جمع كوب، وهو قدح صغير جميل، ((مَّوْضُوعَةٌ)) على حافّات
الأنهر للاستسقاء والشرب، وفي تقابل "موضوعة" لـ"مرفوعة" بلاغة
بديعة.
((وَنَمَارِقُ)) جمع نمرقة، وهي الوسادة التي يتكأ عليها، ((مَصْفُوفَةٌ)) قد
صف بعضها إلى جانب آخر.
((وَزَرَابِيُّ)) جمع زربي، وهو البساط، ((مَبْثُوثَةٌ))، أي منتشرة مفروشة
للجلوس عليها.
وإذ ذكر سبحانه بعض أحوال الجنة والنار عطف السياق نحو الأدلة على الألوهية تعبئة للناس نحو السعادة الأبدية. ((أَفَلَا يَنظُرُونَ)) هؤلاء المنكرون للخالق ((إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ)) في أحكام وتدقيق، وليس لأي حيوان بالذات خصوصية في التذكير بالله سبحانه والدلالة عليه، إذ كل حيوان آية دالة على وجود الله وسائر صفاته، وإنما ذكر الإبل لأنها إحدى الآيات الأليفة للعرب، مع مناسبة لها بسائر ما ذكر في الآيات
التالية، فإن السماء المرفوعة والأرض المبسوطة الوسيعة والجبال
المرفوعة إنما تلائمها الإبل السائرة عبر الصحاري حيث لا شيء إلا
الأرض والجبال والسماء.
((وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ))،و المراد بها الكواكب أو المدارات أو ما يرى
من الهواء الملون.
((وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ)) على الأرض كالأوتاد لئلا تزول وتتحرك
وتضطرب.
((وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ))؟، أي بسطت لتصلح طرائق للناس،
والمراد أفلا يتفكرون في هذه المخلوقات حتى يستدلوا بها على وجوده
سبحانه وسائر صفاته؟ والاستفهام للتوبيخ والتقريع.
((فَذَكِّرْ)) يا رسول الله الناس بهذه الآيات، ((إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ))، تبين لهم
الحقائق ليتذكروا ما أودع الله في فطرتهم من الألوهية والمعاد وما أشبه.
((لَّسْتَ عَلَيْهِم))، أي على هؤلاء القوم ((بِمُصَيْطِرٍ))، أي بمسلط، حتى
تكون مسؤولاً عن انحرافهم، وإنما شأن الأنبياء التذكير والوعظ، فمن شاء
اهتدى ومن شاء انحرف.
فذكر، فإن الذكرى تنفع ((إِلَّا)) في ((مَن تَوَلَّى))، أي أعرض عن الحق
((وَكَفَرَ)) بالله واليوم الآخر، وذلك لا يفلت من قبضة الله سبحانه.
((فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ))، وهو عذاب الآخرة.
((إِنَّ إِلَيْنَا))، أي إلى جزائنا وحسابنا ((إِيَابَهُمْ))، أي رجوعهم بعد الموت،
من "آب" بمعنى رجع.
((ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا)) بعد الإياب ((حِسَابَهُمْ)) فيحاسب كلٌ بما عمل، ويعطي
جزاؤه، إن كان شراً فشر، وإن كان خيراً فخير.
صدق الله العظيم
اللهم أنر قلوبنا بنور القرأن
اللهم إنا نسألك قلباً خاشعاً
و لساناً ذاكراً و علماً نافعاً
و عملاً صالحاً
[/font]
بسم الله الرحمن الرحيم
***************
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الغاشية
**********
((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)) ابتداء باسم الإله المالك لكل شيء، فهو
أفضل شيء يبتدأ به، الرحمن الرحيم الذي يتفضل بالرحمة على كل
العباد
((هَلْ أَتَاكَ)) أيها الإنسان أو يا رسول الله ((حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ)) أي خبر
القيامة؟ وتسمى بالغاشية لأنها تغشى الناس بأهوالها، والاستفهام
للالتفات والإيقاظ.
((وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ))، أي في يوم القيامة ((خَاشِعَةٌ)) ذليلة بسبب ما عملت
من الكفر والآثام، وإنما نسب الخشوع إلى الوجه لظهوره فيها.
((عَامِلَةٌ)) قد عملت في النار وكدت، ((نَّاصِبَةٌ)) وتعبت، فإن النصب
بمعنى التعب، ولكنها لم تنتفع بأعمالها وأتعابها، بل العكس وصارت دنياه
سبباً للعذاب والعقاب.
((تَصْلَى نَارًا))، أي تدخل تلك الوجوه النار وتلازمها، ((حَامِيَةً)) قد حميت
حتى تناهت في الحر.
((تُسْقَى))، أي أصحاب تلك الوجوه، وقد أطلق الوجوه على أصحابها
بعلاقة الجزء والكل من قبيل إطلاق "الرقبة" على الإنسان، ((مِنْ عَيْنٍ
آنِيَةٍ)) قد بلغت حرارتها وآناها إلى منتهى الدرجة، فإن آنية بمعنى
البالغة أشد درجات الحرارة.
ذاك شرابهم، فما هو طعامهم؟ ((لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِيعٍ))، وهو
نبت يضر ولا ينفع، وفي الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)
أنه شيء يكون في النار يشبه الشوك، أمرّ من الصبر، وأنتن من الجيفة،
وأشد حراً من النار.
((لَا يُسْمِنُ)) أكله ((وَلَا يُغْنِي مِن جُوعٍ))، فآكله يحس بالجوع بعد أكله،
كما يحس بالجوع قبل أكله.
ذلك أحوال العصاة، فلننظر إلى أحوال المتقين، ((وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ))، أي في
يوم القيامة ((نَّاعِمَةٌ)) منعمة في أنواع اللذات، ظاهر عليها أثر النعمة
والسرور.
((لِسَعْيِهَا)) في الدنيا وما عملت سابقاً ((رَاضِيَةٌ)) حيث قد حصلت
على الجنة بسببها.
((فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ)) رفيعة المكان والقدر، فإن قصورها ومكانها في أعالي
الجو.
((لَّا تَسْمَعُ)) أولئك الأشخاص أصحاب الوجوه الناعمة ((فِيهَا)) - في
الجنة - ((لَاغِيَةً))، أي كلمة لا فائدة فيها.
((فِيهَا))، أي في تلك الجنة ((عَيْنٌ جَارِيَةٌ)) تجري حتى يتناول كل
إنسان يمر بها، والماء الجاري أطيب ذوقاً وأجمل في النظر.
((فِيهَا))، أي في تلك الجنة ((سُرُرٌ)) جمع سرير، وهو الكرسي
((مَّرْفُوعَةٌ)) في المكان وفي القيمة وفي القدر.
((وَأَكْوَابٌ)) جمع كوب، وهو قدح صغير جميل، ((مَّوْضُوعَةٌ)) على حافّات
الأنهر للاستسقاء والشرب، وفي تقابل "موضوعة" لـ"مرفوعة" بلاغة
بديعة.
((وَنَمَارِقُ)) جمع نمرقة، وهي الوسادة التي يتكأ عليها، ((مَصْفُوفَةٌ)) قد
صف بعضها إلى جانب آخر.
((وَزَرَابِيُّ)) جمع زربي، وهو البساط، ((مَبْثُوثَةٌ))، أي منتشرة مفروشة
للجلوس عليها.
وإذ ذكر سبحانه بعض أحوال الجنة والنار عطف السياق نحو الأدلة على الألوهية تعبئة للناس نحو السعادة الأبدية. ((أَفَلَا يَنظُرُونَ)) هؤلاء المنكرون للخالق ((إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ)) في أحكام وتدقيق، وليس لأي حيوان بالذات خصوصية في التذكير بالله سبحانه والدلالة عليه، إذ كل حيوان آية دالة على وجود الله وسائر صفاته، وإنما ذكر الإبل لأنها إحدى الآيات الأليفة للعرب، مع مناسبة لها بسائر ما ذكر في الآيات
التالية، فإن السماء المرفوعة والأرض المبسوطة الوسيعة والجبال
المرفوعة إنما تلائمها الإبل السائرة عبر الصحاري حيث لا شيء إلا
الأرض والجبال والسماء.
((وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ))،و المراد بها الكواكب أو المدارات أو ما يرى
من الهواء الملون.
((وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ)) على الأرض كالأوتاد لئلا تزول وتتحرك
وتضطرب.
((وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ))؟، أي بسطت لتصلح طرائق للناس،
والمراد أفلا يتفكرون في هذه المخلوقات حتى يستدلوا بها على وجوده
سبحانه وسائر صفاته؟ والاستفهام للتوبيخ والتقريع.
((فَذَكِّرْ)) يا رسول الله الناس بهذه الآيات، ((إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ))، تبين لهم
الحقائق ليتذكروا ما أودع الله في فطرتهم من الألوهية والمعاد وما أشبه.
((لَّسْتَ عَلَيْهِم))، أي على هؤلاء القوم ((بِمُصَيْطِرٍ))، أي بمسلط، حتى
تكون مسؤولاً عن انحرافهم، وإنما شأن الأنبياء التذكير والوعظ، فمن شاء
اهتدى ومن شاء انحرف.
فذكر، فإن الذكرى تنفع ((إِلَّا)) في ((مَن تَوَلَّى))، أي أعرض عن الحق
((وَكَفَرَ)) بالله واليوم الآخر، وذلك لا يفلت من قبضة الله سبحانه.
((فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ))، وهو عذاب الآخرة.
((إِنَّ إِلَيْنَا))، أي إلى جزائنا وحسابنا ((إِيَابَهُمْ))، أي رجوعهم بعد الموت،
من "آب" بمعنى رجع.
((ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا)) بعد الإياب ((حِسَابَهُمْ)) فيحاسب كلٌ بما عمل، ويعطي
جزاؤه، إن كان شراً فشر، وإن كان خيراً فخير.
صدق الله العظيم
اللهم أنر قلوبنا بنور القرأن
اللهم إنا نسألك قلباً خاشعاً
و لساناً ذاكراً و علماً نافعاً
و عملاً صالحاً
[/font]