حبة الخردل ..
كانت هناك سيدة تعيش مع ابنها الوحيد في سعادة و رضا .
حتى جاء الموت و اختطف منها الابن . حزنت السيدة جداً لموت و لدها .
و لكنها لم تيأس بل ذهبت إلى حكيم القرية .
و طلبت مساعدته بأن يخبرها عن الوصفة الضرورية لإبعاد الحزن عنها
مهما كانت أو صعُبت الوصفة .
أخذ الشيخ الحكيم نفساً عميقاً و شرد ذهنه ثم قال :
أنت تطلبين و صفة
حسناً, أحضري لي حبة خردل واحدة
بشرط أن تكون من بيت لم يعرف الحزن مطلقاً
و بكل همة أخذت السيدة تدور على بيوت القرية كلها
و تبحث عن هدفها .حبة الخردل من بيت لم يعرف الحزن أبداً....
طرقت السيدة باباً. ففتحت لها امرأة شابة .
فسألتها السيدة :هل عرف هذا البيت حزناً من قبل؟؟
ابتسمت السيدة في مرارة و أجابت : و هل عرف بيتي هذا إلا كل حزن..
و أخذت تحكي لها أن زوجها توفي منذ سنة
و ترك لها أربعة من البنات و البنين.
و لا مصدر لإعالتهم سوى بيع أثاث الدار الذي لم يتبقى منه إلا القليل.
تأثرت السيدة جداً و حاولت أن تخفف عنها أحزانها .
و بنهاية الزيارة صارتا صديقتين و لم ترد أن تدعها
تذهب إلا بعد أن وعدتها بزيارة أخرى ..
فقد مضت مدة طويلة منذ أن فتحت قلبها لأحد لتشكي له همومها..
و قبل الغروب دخلت السيدة بيتاً آخر و لها نفس المطلب
و لكن الإحباط سرعان ما أصابها
عندما علمت من سيدة الدار أن زوجها مريضٌ جداً
و ليس عندها طعام كاف لأطفالها منذ فترة ..
و سرعان ما خطر ببالها أن تساعد هذه السيدة
فذهبت إلى السوق و اشترت بكل ما معها من نقود طعام
و رجعت إلى السيدة و ساعدتها في طبخ و جبة سريعة لأطفالها..
و اشتركت معها في إطعامهم ثم ودعتها على أمل زيارتها
في مساء اليوم التالي ..
و في الصباح أخذت السيدة تطوف من بيت إلى بيت
تبحث عن حبة الخردل ..و طال بحثها و لكنها للأسف
لم تجد ذلك البيت الذي لم يعرف الحزن مطلقاً لكي تأخذ منه حبة الخردل
و لأنها كانت طيبة القلب
فقد كانت تحاول مساعدة كل بيت تدخله في مشاكله و أفراحه .
و بمرور الوقت أصبحت السيدة صديقة لكل بيت في القرية ..
نسيت تماماً أنها كانت تبحث في الأصل على حبة الخردل
من بيت لم يعرف الحزن أبداً
نسيت حزنها على ابنها و ذابت في مشاكل و مشاعر الآخرين .
و لم تدرك قط إن حكيم القرية قد منحها أفضل وصفة للقضاء على الحزن.
فالوصفة قد أخذتها بالفعل يوم دخلت أول بيت من بيوت القرية